في ظل ارتفاع أسعار العقارات في معظم الدول العربية، أصبح تملّك منزل الأحلام حلماً صعب المنال للكثيرين دون اللجوء إلى التمويل العقاري، سواء عبر القروض البنكية أو برامج التقسيط المباشر من المطورين أو الصناديق الحكومية (مثل صندوق التنمية العقارية في السعودية، سكني، أو برامج الإسكان في مصر والإمارات). لكن هل هذا الخيار دائماً في صالح المشتري؟ دعونا نستعرض المزايا والعيوب بشكل موضوعي وواقعي.
الإيجابيات
- تحقيق حلم التملّك مبكراً
بدلاً من انتظار ادّخار المبلغ كاملاً (قد يستغرق 15-25 سنة)، يصبح بإمكانك السكن في منزلك الخاص من السنة الأولى، مع دفع أقساط شهرية قد تكون أقل أو قريبة من إيجار شقة مماثلة. - الحماية من التضخم وارتفاع الأسعار
عندما تشتري اليوم بسعر محدد، فأنت تحمي نفسك من ارتفاع أسعار العقارات مستقبلاً (في السعودية مثلاً ارتفعت الأسعار 60-120% في بعض المناطق خلال 5 سنوات فقط). - بناء ثروة طويلة الأجل
كل قسط تدفعه يقلل من رأس المال المتبقي، ومع الوقت يصبح العقار ملكك 100%، ويمكن توريثه أو بيعه بربح كبير. - فوائد ضريبية ودعم حكومي في كثير من الدول
- السعودية: دعم فوائد يصل إلى 100% لمحدودي الدخل + إعفاء رسوم التسجيل.
- مصر: مبادرة التمويل العقاري بفائدة 3-8% مدعومة.
- الإمارات: إمكانية الحصول على قروض تصل إلى 85% للمواطنين بفترات سداد طويلة.
- استقرار نفسي وعائلي
لا قلق من طرد المالك أو رفع الإيجار السنوي المفاجئ.
السلبيات والمخاطر
- التكلفة الإجمالية أعلى بكثير
بسبب الفوائد البنكية أو هامش الربح في التقسيط الإسلامي، قد تدفع في النهاية 1.8 إلى 2.5 ضعف سعر العقار الأصلي.
مثال: شقة بـ 800 ألف ريال بفائدة 5% لمدة 25 سنة → إجمالي المدفوعات ≈ 1.45 مليون ريال. - التزام طويل الأمد (20-30 سنة)
أي تغيّر في الدخل (فقدان وظيفة، مرض، انتقال) قد يضعك في ضائقة مالية أو يؤدي إلى الحجز على العقار. - انخفاض قيمة العقار (نادر لكنه ممكن)
حدث في 2009 عالمياً، وفي دبي 2009-2011 انخفضت الأسعار أكثر من 60%. إذا اضطررت للبيع في سوق هابطة، قد تخسر جزءاً كبيراً من مدفوعاتك. - الرسوم والتكاليف الخفية
رسوم تقييم، تأمين عقاري، رسوم بنكية، عمولات، ضريبة القيمة المضافة 15% في السعودية على الشقق الجاهزة الأولى فوق 850 ألف (تم إلغاؤها مؤخراً للمنزل الأول حتى 1.1 مليون تقريباً)، لكنها ما زالت موجودة في بعض الحالات. - التقسيط من المطورين قد يكون أخطر
بعض الشركات تهرب أو تفلس، أو تتأخر في التسليم سنوات طويلة، وأنت تدفع أقساطاً على شيء لم تسكنه بعد. - فقدان المرونة المالية
القسط الشهري الكبير يحد من قدرتك على الادخار أو الاستثمار في مشاريع أخرى قد تكون أكثر ربحية.
خلاصة: متى يكون التمويل العقاري قراراً صائباً؟
- إذا كنت تستطيع تحمل القسط بسهولة (لا يتجاوز 33-40% من الدخل الشهري).
- إذا كان الإيجار الحالي قريباً من القسط أو أعلى.
- إذا كنت تخطط للبقاء في نفس المدينة والمنزل 10 سنوات على الأقل.
- إذا كان هناك دعم حكومي أو فائدة منخفضة جداً.
أما إذا كان دخلك غير مستقر، أو تخطط للسفر أو الهجرة قريباً، أو تستطيع ادّخار المبلغ خلال 7-10 سنوات، فقد يكون الانتظار والشراء نقداً أوفق وأوفر على المدى الطويل.
القرار في النهاية يعتمد على وضعك المالي، وخططك الحياتية، ومدى استقرار سوق العقارات في بلدك. استشر مستشاراً مالياً موثوقاً قبل التوقيع على أي عقد تمويل.