القرارات الجديدة في سوق العقار السعودي: خطوات نحو تسهيل التملك وكبح ارتفاع الأسعار

القرارات الجديدة في سوق العقار السعودي: خطوات نحو تسهيل التملك وكبح ارتفاع الأسعار

169 مشاهدات

في ظل رؤية المملكة العربية السعودية 2030، يشهد سوق العقارات تطورات هائلة تهدف إلى تحقيق التوازن بين الطلب المتزايد والعرض المستدام، مع التركيز على تسهيل امتلاك المواطنين للمساكن. مع ارتفاع معدلات النمو السكاني والمشاريع الضخمة مثل نيوم والقدية، أصبحت الأسعار العقارية تحدياً رئيسياً يواجه العائلات السعودية. ومع ذلك، أعلنت الحكومة في عام 2025 عن سلسلة من القرارات الجريئة لضبط السوق، زيادة المعروض السكني، ومنع التضخم السعري، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

تجميد زيادة الإيجارات: خطوة أولى نحو الاستقرار

أحد أبرز القرارات الجديدة هو قرار ولي العهد بتجميد الزيادة السنوية في إيجارات السكن والتجارة في العاصمة الرياض لمدة خمس سنوات، بدءاً من سبتمبر 2025. يأتي هذا القرار ليحمي المستأجرين من الضغوط المالية الناتجة عن الارتفاعات المتسارعة في الأسعار، ويعيد التوازن إلى السوق من خلال تشجيع الاستقرار السكني. وفقاً للخبراء، سيساهم هذا في تحويل الضغط من سوق الإيجار إلى سوق التملك، حيث يمنح العائلات فرصة لتوفير أكبر نحو شراء منازلها الخاصة. 

كما يرتبط هذا القرار بمنصة “إيجار” الإلكترونية، التي أصبحت تسجيل العقود فيها إلزامياً، مع فرض غرامات على المخالفين. هذه المنصة تعزز الشفافية وتمنع الممارسات غير العادلة، مما يساعد في كبح التضخم السعري بشكل عام ويوفر بيانات دقيقة لصانعي السياسات لاتخاذ قرارات مستقبلية.

فتح أبواب التملك للأجانب: دفعة للمعروض السكني

في خطوة إصلاحية كبرى، أقر مجلس الوزراء نظاماً جديداً يسمح لغير السعوديين بتملك العقارات واستثمارها، مما يفتح السوق أمام تدفقات رؤوس أموال أجنبية. يشمل النظام شراء الوحدات السكنية والتجارية في المدن الرئيسية مثل الرياض وجدة، مع قيود على الأراضي الزراعية أو المناطق المقيدة، وحد أقصى للملكية في مناطق معينة للحفاظ على التوازن. 

يُتوقع أن يؤدي هذا النظام إلى زيادة المعروض السكني بنسبة تصل إلى 20% في المدن الكبرى، حيث يشجع المستثمرين الأجانب على تمويل مشاريع بناء جديدة. وبالتالي، يساهم في خفض الأسعار من خلال تقليل النقص في الوحدات المتاحة، ويعزز الاقتصاد غير النفطي بدخول استثمارات تصل إلى مليارات الريالات. بالنسبة للمواطن السعودي، يعني ذلك فرصاً أفضل للتملك بأسعار أكثر تنافسية، مع الحفاظ على أولوية الدعم الحكومي للمواطنين.

الإصلاحات التنظيمية: منع المضاربات وتعزيز الشفافية

للحد من المضاربات التي تؤجج ارتفاع الأسعار، فرضت الهيئة العامة للعقار قراراً بإلزام المشترين السعوديين بفترة احتفاظ بالعقار لمدة 180 يوماً قبل بيعه، مع غرامات أو مصادرة في حال الانتهاك. كما حدد سقفاً بنسبة 5% للزيادة السنوية في أسعار البيع في المدن الرئيسية، مما يمنع الارتفاعات السريعة ويحمي المشترين من التلاعب السعري. 

بالإضافة إلى ذلك، ألزمت اللوائح المطورين بتخصيص 25% من الوحدات الجديدة للفئات ذات الدخل المنخفض والمتوسط بأسعار مدعومة، وإكمال 50% من المشروع قبل تسويقه لمنع البيع المسبق المضاربي. هذه الإجراءات ستزيد من توافر السكن الاقتصادي، وتقلل من الضغط على الأسعار بنسبة تصل إلى 10% خلال العام المقبل، وفقاً لتوقعات الخبراء.

الحوافز المالية والتدخلات السوقية: دعم مباشر للمواطنين

لتشجيع التملك، أطلقت وزارة الإسكان برامج تمويل بفائدة منخفضة (1-2%) ودعم للدفعة الأولية بنسبة تصل إلى 20% من قيمة العقار للمشترين الأوائل. كما منحت إعفاءات ضريبية لمدة خمس سنوات على العقارات المملوكة للسعوديين، مما يخفض التكاليف الإجمالية ويجعل الإسكان أكثر جاذبية. 

على الصعيد السوقي، أنشأت الحكومة صندوقاً عقارياً مدعوماً من الدولة لشراء الوحدات غير المباعة من المطورين وبيعها بأسعار خاضعة للرقابة. كذلك، أطلقت منصة تسعير رقمية لنشر الأسعار في الوقت الفعلي، محظوراً عليها المعاملات الخارجية، مما يعزز الشفافية ويحمي المواطنين من الغش. وأخيراً، فرضت مساهمة بنسبة 2% من إيرادات المشاريع على صندوق الإسكان الاقتصادي، لتمويل مشاريع جديدة موجهة للشباب.

التأثيرات المتوقعة: مستقبل أكثر أماناً

تشير التقارير إلى تباطؤ نمو الأسعار بنسبة 1.1% في الربع الثالث من 2025، نتيجة لهذه القرارات، مع توقعات باستمرار الاستقرار حتى نهاية العام. 3 ستساهم هذه الإجراءات في تحقيق هدف رؤية 2030 بتوفير سكن لـ70% من المواطنين، مع تعزيز الثقة في السوق وجذب المزيد من الاستثمارات. ومع ذلك، يظل التحدي في ضمان تنفيذ هذه القرارات بكفاءة، لتحويل السوق من مصدر قلق إلى فرصة نمو مستدامة لكل سعودي.

في الختام، تمثل هذه القرارات تحولاً استراتيجياً يجعل الإسكان حقاً متاحاً للجميع، محولاً التحديات إلى إنجازات.